تنطلق في شهر تشرين الثاني من عام 2022 منافسات كأس العالم في نسخته الجديدة حيث يتنافس 32 منتخباً فيما بينهم لنيل لقب كأس العالم 2022، وكحال كل نسخة من نسخ كأس العالم السابقة تبدأ الترشيحات، ويتم تسليط الضوء على أكثر المنتخبات حظاً لنيل لقب البطولة. ولا تخلو نسخة من النسخ السابقة من مفاجآت، منها ما يتعلق بخروج مبكر لإحدى تلك المنتخبات أو استمرار منتخب غير متوقع استمراره في المنافسة، حيث جرت العادة أن يطلق على مثل هذه المنتخبات الحصان الأسود في البطولة فهل سيكون المنتخب القطري هذا الحصان.
وكثير ما يكون لصاحب الأرض دعماً جماهيرياً كبيراً ورغبة كبيرة في تحقيق إنجاز خلال البطولة ما يجعل منها هذا الحصان الأسود، كما حصل في نسخة عام 2002 التي جرت في اليابان وكوريا الجنوبية حيث استطاعت حينها كوريا الجنوبية الوصول إلى المربع الذهبي لأول مرة في تاريخها ولم تستطع تكرير مثل هذا الإنجاز، على الرغم ما يشوب ذلك من انتقادات شديدة ولا سيما فيما يتعلق بمباراة كوريا الجنوبية وإيطاليا حينها واعتراف الجميع بالظلم التحكيمي الكبير الواقع على المنتخب الإيطالي آنذاك.
وخروج المنتخب الإيطالي في الدور الربع نهائي بالهدف الذهبي المعمول به في ذلك التاريخ على يد كوريا الجنوبية، ويذهب الكثيرون في نسخة كأس العالم 2022 إلى طرح التوقعات فيما يخص هذا الحصان الأسود.
ويرى عدد منهم أن المنتخب القطري هو الأوفر حظاً من بين المرشحين، فهل تصح التوقعات ويكون المنتخب القطري الحصان الأسود في كأس العالم 2022؟ فما هي مؤهلاته وما هي تحضيراته ومجموعته ومشواره في المنافسة؟ نستعرض وإياكم أهم هذه التفاصيل فيما يلي:
تاريخ المنتخب القطري وأهم إنجازاته:
في واقع الأمر فإن الحديث عن منتخب قطري لا يجوز إلا بعد عام 1971 حينما حصلت قطر على استقلالها من البريطانيين، إلا أن بعد المهتمين بالجانب الرياضي في قطر يعودون إلى عقود سبقت هذا التاريخ عند حديثهم عن المنتخب القطري والبدايات الكروية في قطر.
حيث يرى البعض أن كرة القدم ظهرت في البلاد لأول مرة في أواخر الأربعينات من القرن العشرين، وقد شهدت تطوراً سريعاً مع أوائل الخمسينات، عندما أصبح استاد الدوحة أول ملعب عشبي من نوعه في منطقة الخليج العربي. افتُتح الاستاد رسمياً عام ١٩٦٢، ولكنه كان قد بدأ باستضافة الألعاب التنافسية للهواة على أرضه منذ أوائل الخمسينيات وذلك أبان الانتداب البريطاني.
خاض المنتخب القطري أول مباراة رسمية له في 27 مارس 1970 ضد مضيفه منتخب البحرين، حيث خسر اللقاء بنتيجة 1-2، في الوقت الذي سجل فيه مبارك فرج الهدف الوحيد لقطر، وبعد فترة وجيزة، كانت قطر من بين أربع دول مؤسسة تلعب في دوري كأس الخليج الذي يقام مرة كل سنتين.
وفي عام 1981، حققت قطر نتائج مثيرة للإعجاب على المستوى الدولي، حيث تأهل منتخب قطر للشباب إلى نهائي كأس العالم تحت 20 عام في استراليا بعد تغلّبه على كل من البرازيل (3-2) وإنجلترا (2-1) على التوالي في طريقه نحو المباراة النهائية.
وفي عام 1988، استضافت قطر بطولة كأس آسيا لكرة القدم لأول مرة، وبعد أربعة أعوام، قاد المدرب الأسطورة إيفاريستو دي ماسيدو منتخب قطر الأولمبي للوصول حتى ربع النهائي لمباريات كرة القدم في أولمبياد برشلونة 1992، حيث خسر أمام منتخب بولندا بهدفين نظيفين 2-0 في مباراة ملحمية على استاد كامب نو.
في عام 1992، كان أول انتصار كبير لقطر في كرة القدم عندما فاز “العنابي” بكأس الخليج 1992 للمرة الأولى في تاريخه، وكان المنتخب حينها يعتمد على مجموعة كبيرة من اللاعبين الشباب الموهوبين، والذين نجحوا أيضاً في إثارة إعجاب الجماهير والنقاد في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية 1992 في برشلونة.
تمكّن منتخب قطر الوطني من حصد الميدالية الذهبية في دورة الألعاب الأسيوية 2006، لتي أقيمت في الدوحة بالفوز على منتخب العراق في المباراة النهائية بنتيجة 1-0.
أعاد المنتخب القطري إنجازه على مستوى كأس الخليج عام 2004 حينما استضافت قطر هذه البطولة على أرضها، ليكون لقبين على مستوى هذه البطولة حينها.
كان عام 2014 بلا شك أحد أنجح سنوات كرة القدم في قطر، فبالإضافة إلى تحقيق منتخب الشباب إنجاز فريد بتتويجه بلقب كأس آسيا تحت 19 سنة في ذلك العام، فاز الفريق الوطني الأول بلقبين كبيرين وهما، بطولة اتحاد غرب آسيا لكرة القدم وبطولة كأس الخليج أيضاً للمرة الثالثة في تاريخه والتي كانت على حساب المنتخب السعودي 2-1 في الرياض.
وجاء عام 2019 ليحقق المنتخب القطري الأول في الشهور الأولى من العام الإنجاز الأكبر في مسيرته بعد أن توج بلقب كأس آسيا 2019 بالإمارات، بعدما تغلب في المباراة النهائية على نظيره الياباني بنتيجة 3-1، ليتوج بكأس آسيا 2019 للمرة الأولى في تاريخه.
استضافة كأس العالم 2022 والمشوار التحضيري للعنابي:
في الثاني من كانون الأول من عام 2010 تم الإعلان عن فوز قطر بشرف استضافة كأس العالم لعام 2022، حيث بدأت التحضيريات لإقامة هذه البطولة الأغلى على المستوى العالمي، وكما بدأ العمل على تشكيل نواة لمنتخب قطري قادر على المنافسة في هذه البطولة، لا سيما أن الدولة المستضيفة تتأهل بشكل تلقائي لهذه البطولة.
وعليه فقد عمل القائمون على المنتخب القطري وأكاديمية أسباير الرياضية تخريج لاعبين على مستوى عالي قادرين على رفد المنتخب الوطني بالمهارات التي يحتاجها للمنافسة في البطولة، ومن جهة أخرى بدأ المنتخب القطري التحضيرات من خلال مشاركته في بطولة كوبا أمريكا في البرازيل لأول مرة في تاريخه وذلك عام 2019، حيث شكلت هذه البطولة عامل احتكاك رائع مع منتخبات أمريكا اللاتينية، ومنحت المنتخب القطري مزيد من الخبرة من خلال مواجهة منتخبات عالمية كالبرازيل والأرجنتين وكولومبيا والأورغواي وغيرها من منتخبات أمريكا اللاتينية.
كما قام المنتخب القطري جولة تحضيرية هامة، عبر مشاركته في التصفيات الأوروبية كأول منتخب عربي، حيث وجّه الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا) الدعوة للاتحاد القطري لكرة القدم لمشاركة منتخب قطر الأول في التصفيات الأوروبية المؤهلة لبطولة كأس العالم 2022، حيث وقع في المجموعة الأولى من التصفيات بجانب منتخبات البرتغال وصربيا وأيرلندا ولوكسمبورغ وأذربيجان.
أقرأ أيضا : “منتخب البرازيل المرشح الدائم لنيل بطولة كأس العالم“
خاض خلالها المنتخب القطري 10 مباريات، فحقق الفوز في مواجهتين مع لوكسمبورغ وأذربيجان وتعادل في 3 مناسبات مع أيرلندا ولكسمبورغ وأذربيجان وخسر في خمس مواجهات خسارتين أمام البرتغال وخسارتين أمام صربيا وخسارة أمام أيرلندا.
ومؤخراً فقد أعلن الاتحاد القطري لكرة القدم في بيان رسمي، عن خوض “العنابي” 3 مباريات ودية في شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، ستقام جميعها على هامش معسكر في النمسا.
يبدأ المنتخب القطري لقاءاته الودية ضد كندا يوم 23 سبتمبر، ثم تشيلي يوم 27 من نفس الشهر، بينما سيتم تحديد طرف الودية الثالثة في وقت لاحق.
مجموعة المنتخب القطري في كأس العالم 2022 ومشواره في البطولة:
أوقعت قرعة كأس العالم المنتخب القطري في المجموعة الأولى إلى جانب كل من هولندا والسنغال والأكوادور.
تبدأ مواجهات المنتخب القطري مع المنتخب الأكوادوري في اليوم الأول من البطولة 21/10/2022 ثم المنتخب السنغالي في 25/10 وأخيرا المنتخب الهولندي 29/10، وبالنظر إلى المنتخبات التي سيواجهها المنتخب القطري نجد أن مهمة المنتخب القطري ليست سهلة على الإطلاق.
فالمنتخب السنغالي بطل افريقيا والذي يضم بين صفوفه لاعبين عالميين من أمثال ماني والحارس مندي والمدافع كولابالي وغيرهم من النجوم العالميين في الأندية الأقوى على مستوى أوروبا والعالم، حيث لا يخلو المنتخب السنغالي من أي لاعب في الدوريات الأوروبية.
أما المنتخب الهولندي الغني عن التعريف والذي يضم كوكبة من النجوم العالميين، وكذلك المنتخب الأكوادوري من المنتخبات اللاتينية التي تأهلت عن أمريكا الجنوبية عن استحقاق والذي يمتلك لاعبين مهاريين وعلى مستوى عالي من الجودة.
بيد أن المنتخب القطري لا يقل جودة وقوة عن هذه المنتخبات والذي يضم في صفوفه الهداف المعز علي وحسن الهيدوس، وكذلك المهاري وصانع الألعاب أكرم عفيفي وكذلك سالم الهاجري، وكذلك الحارس سعد الشيب الذي نال لقب أفضل حارس في بطولة كأس أسيا 2019 والذي لم تتلقى شباكه سوى هدف واحد في المباراة النهائية أمام اليابان، حيث توج المنتخب القطري حينها بالبطولة بفوزه على المنتخب الياباني، دون أن ننسى الصخرة الدفاعية خوخي بوعلام الجزائري الأصل، وبيدرو ميجويل.
وعلى الرغم من الانتقادات الموجهة للمنتخب القطري فيما يخص تجنسيه للاعبين، إلا أن هذا الأمر كثيراً ما نشاهده في عديد من المنتخبات العالمية، فعلى سبيل المثال لا الحصر حامل لقب كأس العالم 2018 المنتخب الفرنسي معظم لاعبيه من الأفارقة المجنسين، ومع ذلك لا نجد مثل هذا الانتقاد له.
إن مشوار المنتخب القطري ليس بالسهل، إلا أنه يمتلك من الرغبة الشيء الكبير وخاصة أن البطولة تقام على أرضه وبين جمهوره، كما أنه يضم مجموعة من اللاعبين الذين يجمعون بين الخبرة والمهارة والقدرة على مجاراة الخصوم العالميين، فهل يحقق المنتخب القطري المفاجأة ويتأهل إلى الأدوار الإقصائية ويكون هو الحصان الأسود في البطولة؟، لما لا وقد يستمر مشواره إلى أبعد من ذلك، كل التمنيات للمنتخبات العربية بالتوفيق في مشوارهم في كأس العالم 2022 في قطر نهاية هذا العام.