حوالي العشرين يوماً وتنطلق منافسات كأس العالم في قطر، وقبيل ذلك انتشرت العديد من الأخبار حول كلفة كأس العالم الضخمة في هذه النسخة، والتي قد تكون الأضخم في التاريخ، فما حقيقة ذلك وما هي كلفة كأس العالم في النسخ السابقة وما هي الإيرادات المتحصل عليها من استضافة كأس العالم؟ نحاول وإياكم إبراز هذه النقاط للوقوف على حقيقة الأمر.
قطر وكلفة كأس العالم
أعلن رئيس الفيفا السابق جوزيف بلاتر فوز قطر بشرف استضافة كأس العالم 2022 في مقر الاتحاد الدولي لكرة القدم في زيورخ السويسرية، حيث توافق أعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد على مشروع قطر لتنظيم كأس العالم حينها.
حيث تضمن الملف القطري لتنظيم كأس العالم 2022 كلفة كأس العالم التقديرية من خلال التعهد بتنفيذ العديد من الجوانب الاقتصادية والرؤية البعيدة المدى في مجال البيئة والطاقة والمنشآت الرياضية والترفيهية والتكنولوجية الحديثة.
مع تعهد حكومي من قبل قطر بالالتزام بنجاح التنظيم وفق البنية التحتية المقدمة في الملف، مع تقديم مجسمات لمشاريع الملاعب والمنشآت التي ستضم نهائيات كأس العالم في حال الموافقة على الملف القطري.
في الواقع إن الملف القطري كان مغرٍ بشكل كبير لأعضاء اللجنة التنفيذية، لما يحتويه من مشاريع وتحديثات على مستوى البنية التحتية وسبل الراحة التي يتعهد بها الملف، إلا أن تكاليف هذه المشاريع التي تم التعهد بها عالية بشكل كبير، فهل يعني ذلك أن كلفة كأس العالم في قطر ستكون بهذه الضخامة؟
حقيقة كلفة كأس العالم في قطر ورؤية قطر الوطنية لعام 2030
بالعودة إلى عام 2008، نجد أن قطر أعلنت عن رؤية شاملة لتنمية الدولة أو ما يُعرف بـ “رؤية قطر الوطنية 2030″، والتي تضم مشروعاً تنموياً شاملة يهدف إلى بناء الدولة من خلال مجتمع متقدم قادر على الحفاظ على تنمية وتوفير مستوى معيشة مرتفع للشعب.
وبالتدقيق في هذا المشروع الوطني نجد أن الجانب الرياضي يعد أحد أسس هذا المشروع الكبير، ومن هنا كانت الفكرة لدى القطريين بربط ذلك بالتقدم للحصول على شرف تنظيم كأس العالم.
حيث تم بناءً على ذلك تخطيط وتصميم البنى التحتية الملائمة للتقدم لمثل هذا الطلب في الاستضافة، حيث شملت المرافقات والطرق الجديدة وتحسين المطار والفنادق والمرافق السياحية الأخرى، وكل ذلك قبل الشروع في تقديم طلب للموافقة على تنظيم كأس العالم 2022.
وتشير العديد من التقارير الصحفية أن كلفة كأس العالم في قطر بلغت حوالي 220 مليار دولار أمريكي، في حين أن البيانات الحكومية تُظهر أن قطر أنفقت هذا المبلغ على البنية التحتية ومشروعات تنموية عملاقة، وقد تم ذلك خلال أحد عشر عاماً، حيث تأتي ملاعب ومنشآت كأس العالم تأتي ضمن هذه المشروعات، بمعنى أن تجهيز الملاعب الخاص بالمونديال، والبنية التحتية من شوارع وجسور وأنفاق ومسارات للدراجات الهوائية وحدائق عامة ومتنزهات، إضافة إلى إنشاء شبكة سكة حديد لقطارات المترو والترام، إلى جانب الفنادق وأماكن إقامة المشجعين، وتوسعة مطار حمد الدولي، ومشاريع أخرى، كلها تأتي ضمن رؤية قطر الوطنية 2030، وذلك وفق ما أوضحته اللجنة العليا للمشاريع والإرث في قطر المسؤولة عن متابعة ملف استضافة قطر لكأس العالم 2022.
اقرأ أيضاً آخر أخبار كأس العالم 2022
حيث أكد الأمين العام للجنة العليا للمشاريع والإرث في قطر حسن الذوادي خلال فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي أن استضافة المونديال في قطر 2022 ساعدت في تسريع وتيرة تحقيق رؤية قطر 2030، معتبرًا أنّ أهمية هذا الحدث لا تقتصر على مجرد منافسات كرة القدم، وإنما يعد تجسيدًا للأهداف التي أرستها قطر في رؤيتها الوطنية 2030.
وبالتالي يبدو جلياً أن المبالغ المشار إليها في التقارير الإعلامية عن كلفة كأس العالم في قطر 2022 إنما هي إجمالي المبالغ التي أُنفقت على تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030 والتي تشمل فيما تشمل كلفة كأس العالم 2022 في قطر، والتي كان قد تم إعداد مخططات هذه المشاريع في الرؤية قبل حصول قطر على شرف تنظيم كأس العالم
ما هي كلفة كأس العالم الفعلية في قطر 2022؟
بالاستناد إلى التصريحات الرسمية بهذا الخصوص نجد أن ناصر الخاطر الرئيس التنفيذي لكأس العالم 2022 في قطر في حديثه لبرنامج “بعد أمس” أن كلفة كأس العالم متمثلة بكلفة مشاريع المونديال من ملاعب ومرفقات خاصة بها تتراوح بين 7 إلى 8 مليار دولار. اقرأ أيضاً برشلونة إلى الدوري الأوربي
حيث قال “تكلفة مشروع المونديال الحالي والمصروفات تصل إلى حوالي 8 مليارات دولار، وهو رقم مقبول وطبيعي، وأقل من بعض النسخ السابقة البطولات ، مثل البرازيل وروسيا”، مشيرًا إلى أنّ العائد المادي على الاقتصاد القطري، سيصل إلى 17 مليار دولار، وبالتالي يمثل أكثر من ضعف التكلفة”.
وإن صحت هذه التصريحات من المسؤول الرسمي عن تنفيذ كأس العالم 2022 في قطر، فإن ذلك يعني بأن تكاليف رؤية قطر الوطنية باستثناء كلفة كأس العالم، تبلغ حوالي 212 مليار دولار، وهو مبلغ مهول لدولة بحجم قطر
العائدات المتوقعة لكأس العالم قطر 2022
تشير التوقعات الحكومية بالإضافة إلى عديد الدراسات الاقتصادية والشركات، أن القطاع السياحي في قطر سينتعش بشكل كبير أثناء فترة كأس العالم، حيث تُشير التوقعات إلى توافد حوالي مليون ونصف المليون مشجع إلى قطر خلال هذه المدة، ما يعني أن عائدات القطاع السياحي فقط من بطولة كأس العالم ستكون بمليارات الدولارات.
وبحسب الدراسات الاقتصادية فإن العائد السياحي خلال فترة كأس العالم سيؤدي إلى زيادة قيمة الناتج المحلي الإجمالي القطري بحوالي 1.5%، وقد بيّن صندوق النقد الدولي بهذا الخصوص أن العائدات المالية من تنظيم كأس العالم في قطر ستبلغ عشرات المليارات من الدولارات، تشمل الاستثمارات الأجنبية أثناء وبعد فترة البطولة، وبناءً على ذلك يقدر صندوق النقد الدولي معدل النمو الاقتصادي في قطر بواقع 4.4% مدفوعاً بالعديد من العوامل الاقتصادية من بينها تلك الخاصة باستضافة كأس العالم 2022.
وإن صحت هذه التوقعات والتصريحات الرسمية بخصوص كل من عوائد وكلفة كأس العالم في قطر، فإن ذلك يعني أن عوائد كأس العالم متمثلة بعوائد القطاع السياحي وقطاع الأعمال ستبغ أضعاف كلفة كأس العالم التي يصرح عنها المسؤولون القطريين.
يأتي ذلك في الوقت الذي أكدت فيه صحيفة “ذا صن” البريطانية، أنه تم إنفاق حوالي 200 مليار دولار من قبل دولة قطر من أجل استضافة بطولة كأس العالم 2022، وذلك ما يقرب من 20 ضعفاً لما دفعته روسيا نسخة 2018.
وفي ردٍ على تضارب الأرقام قالت المديرة التنفيذية لإدارة الاتصال والإعلام في اللجنة العليا للمشاريع والإرث فاطمة النعيمي: “تعد بطولة كأس العالم 2022 جزءا من رؤية قطر الوطنية 2030، وهي استراتيجية حكومية أوسع لتعزيز التنمية المكثفة للمناطق الحضرية والعالمية، وستشمل المرافق والصناعة الوطنية، بالإضافة إلى أنظمة التعليم والرعاية الصحية”.
حيث بيّنت أن مبلغ 200 مليار دولار المرتبط بكأس العالم، هو في الواقع جزء من هذه الاستراتيجية الطموحة للتنمية الوطنية وتحديث قطر”.
مؤكدة أنه: “تم التخطيط لمعظم مشاريع البنية التحتية الضخمة، والتي ستستخدم من قبل المنتخبات والمشجعين في بطولة كأس العالم 2022، مثل الطرق الجديدة ومترو الأنفاق والمطار والفنادق والمرافق السياحية الأخرى، حتى قبل حصولنا على حق استضافة كأس العالم”.
وأضافت: “كان من الممكن تنفيذ هذه المشاريع على أي حال، ومع ذلك فإن بطولة كأس العالم سرعت بالتأكيد كل هذه التطورات حتى تتمكن البلاد من استضافة ما يقرب من 1.5 مليون مشجع خلال منافسات البطولة”.
وختمت النعيمي تصريحاتها، قائلة: “نحن على يقين أن كل من يزور قطر في كأس العالم سيكون سعيداً
مقارنة كلفة كأس العالم في قطر 2022 مع كلفة كأس العالم في النسخ السابقة:
ففي نسخة كأس العالم روسيا 2018 بلغت كلفة كأس العالم حوالي 11 مليار دولار وفي بعض التقارير 13 مليار دولار، تم انفاقها على بناء ملاعب جديدة وتجديد الملاعب القديمة والبنية التحتية الخاصة بالمواصلات لاستضافة كأس العالم 2018.
وقد صرحت مايا لوميدز آنذاك عن الإيرادات الخاصة بالمونديال إذ قالت المديرة التنفيذية لاتحاد منظمي الرحلات السياحية في روسيا، إنّ المونديال “جلب لروسيا أكثر من 850 مليار روبل (13.54 مليار دولار)، وهو ما يمثّل حوالي 1% من الناتج المحلي الإجمالي”.
أما كلفة كأس العالم 2014 في البرازيل فقد بلغت حوالي 11 مليار دولار، وفي تقارير أخرى وصلت إلى 14 مليار، تم إنفاقها على بناء الملاعب وترميمها ووسائل النقل وتطوير البنية التحتية، لتنظيم كأس العالم 2014
فيما أشارت بعض الدراسات الصادرة عن مؤسسة الدراسات الاقتصادية البرازيلية أن عوائد كأس العالم 2014 بلغت حوالي 5 مليارات دولار أمريكي.
في حين بلغت تكلفة كأس العالم 2010 في جنوب إفريقيا أكثر من 3 مليار دولار أمريكي وفق تقرير منشور من الحكومة في جنوب إفريقيا، حيث أوضح التقرير أن العائدات تمثلت بـ “إرث غير ملموس” متمثلاً بالفخر والوحدة بين مواطني جنوب إفريقيا، مع تغيير صورة البلاد على أنها بلاد جريمة غير متطورة وممزقة وخطيرة في عيون بقية العالم.
وقد أشارت بعض التقارير الاقتصادية أن العوائد المالية في جنوب افريقيا من استضافة كأس العالم بلغت حوالي 6 مليارات دولار أمريكي. للمزيد عن تكاليف كأس العالم في جميع النسخ يمكنهم من هنا
وبالمحصلة نستطيع القول ومع الأخذ بعين الاعتبار للتضخم العالمي الحاصل حالياً وفي حال صحت تصريحات المسؤولين القطريين فيما يخص كلفة كأس العالم قطر 2022، بأن مبلغ 7 إلى 8 مليارات، ليس بالمبلغ الضخم مقارنة بما تم إنفاقه في نسخ سابقة، مع التأكيد أن العوائد من استضافة كأس العالم قد تستمر من خلال المشاريع الاستثمارية التي يمكن إقامتها والتي قد تستمر إلى ما بعد هذه البطولة، وتحقق عوائد مستمرة تمثل مصدر جديد من مصادر الدخل للدولة القطرية.
دون إغفال للإرث والفائدة الاجتماعية ونشر الثقافة العربية والقطرية نتيجة هذه الاستضافة، وإن كانت قطر حالياً تتعرض لحملة تشويه غير مسبوقة، من خلال طرح مواضيع تشكل إرباكاً في المجتمع القطر مثل موضوع المثلية والشواذ وغيرها.
إذا لابد من التأكيد على ضرورة احترام الضيف لعادات وتقاليد مضيفه وقيمه التي يتبعها، مع التأكيد أن حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين، وأن التعبير عن الرأي يكون بما لا يخدش ويخالف عادات مضيفك.
1 thought on “220 مليار دولار كلفة كأس العالم الأضخم في التاريخ”
Comments are closed.