معنى التضخم الاقتصادي

معنى التضخم الاقتصادي

العناية بالذات

تُعد دراسة ظاهرة ارتفاع المستوى العام للأسعار وتحليلها من المواضيع التي احتلت وما زالت تأخذ الجانب الأكبر من الدراسات الاقتصادية، سواءً من حيث المحددات أو الآثار، نظراً للأثر الكبير للتضخم الاقتصادي على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في أي بلد، وانطلاقاً من ذلك كان لابد من معرفة ما معنى التضخم الاقتصادي ومن خلال إلقاء الضوء على هذا المفهوم وكيفية تفسيره عبر المدارس الاقتصادية المختلفة، حيث سنوضح وإياكم هذه المفاهيم بشيء من التبسيط، ذلك أن موضوع معنى التضخم الاقتصادي إنما هو بحث ذا تشعبات مختلفة يحتاج إلى مؤلفات ضخمة للإحاطة بجميع جوانبه.

معنى التضخم الاقتصادي ومفهومه:

يتمثل المظهر العام لظاهرة التضخم الاقتصادي في الانخفاض المتواصل للقيمة الحقيقية لوحدة النقد، وتقاس القيمة الحقيقية لوحدة النقد في وقت معين بالمتوسط العام لما يمكن أن يُشترى بهذه الوحدة من النقد من مختلف السلع والخدمات.

ومن الواضح أن هذا الكم من السلع والخدمات يقل بارتفاع أثمانها ويزيد بانخفاض هذه الأثمان، ومن ثم تسير القيمة الحقيقية أو القوة الشرائية لوحدة النقد عكسياً مع ارتفاع المستوى العام للأسعار، وبالتالي يمكن القول بأن المظهر العام ومعنى التضخم الاقتصادي يتمثل في الارتفاع المتواصل للمستوى العام للأسعار.

وبذلك ذهب البعض إلى اعتبار معنى التضخم الاقتصادي ” حركة صاعدة للأسعار تتصف بالاستمرار الذاتي الناتج عن فائض الطلب الزائد عن قدرة العرض ” بمعنى الارتفاع المستمر في المستوى العام لأسعار السلع والخدمات عبر الزمن.

في يرى آخرون معنى التضخم الاقتصادي من جانب الاقتصاد الحقيقي على أنه الحالة التي يكون فيها العرض عاجزاً عن تلبية التوسع في الطلب.

وتظهر هذه الحالة إما عندما يواجه العرض صعوبات في تلبية الاحتياجات من السلع الاستهلاكية أو مستلزمات إنتاجها، أو عندما يحدث زيادة مفرطة في القوة الشرائية في أيدي المستهلكين، أو ترافق هاتين الحالتين معا.

وبذلك يقترب هذا المفهوم من نظرة النظرية الكينزية لظاهرة ومعنى التضخم الاقتصادي التي ترى بأنه زيادة الطلب الكلي عن العرض الكلي.

وذلك على عكس النظرية النقدية التي ترى بأن معنى التضخم الاقتصادي يعني الزيادة في كمية النقود المتداولة.

وبناءً على ما سبق يمكن القول بأن معنى التضخم الاقتصادي هو كل زيادة في التداول النقدي يترتب عليه زيادة في الطلب الكلي. اقرأ أيضاً ما هو تعويم العملة

معنى التضخم الاقتصادي
معنى التضخم الاقتصادي

معنى التضخم الاقتصادي بأنواعه المختلفة:

ظهرت العديد من التصنيفات الخاصة بتحديد الأنواع المختلفة للتضخم الاقتصادي ويمكن بيان ذلك كما يلي:

  1. التضخم الطليق (المكشوف): يتسم هذا النوع من التضخم بارتفاع الأسعار والأجور ويكون دون أي تدخل من قبل السلطات الحكومية للحد من هذه الارتفاعات، مما يؤدي إلى تفشي هذه الظواهر التضخمية فترتفع المستويات العامة للأسعار بنسبة أكبر من ازدياد التداول النقدي إضافة إلى عدم تدخل من قبل السلطات الحكومية للحد من هذه الارتفاعات، مما يؤدي إلى تفشي هذه الظواهر التضخمية فيرتفع المستوى العام للأسعار بنسبة أكبر من ازدياد التداول.
  2. التضخم المكبوت (المقيد): ويتجلى هذا النوع من التضخم بالتدخل من قبل السلطات الحكومية في سير حركات الائتمان بالتحكم في الجهاز الائتماني.
  3. التضخم الدخلي: ويحصل نتيجة ارتفاع وتزايد نفقات الإنتاج.
  4. التضخم الجامح: أشد أنواع التضخم أثاراً وضرراً على الاقتصاد حيث تتوالى الارتفاعات للأسعار دون توقف، وبتالي تفقد النقود قوتها الشرائية وقيمتها كوسيط للتبادل.
  5. التضخم الحركي: هو سمة من سمات النظام الرأسمالي فيعبر عن حركات الظواهر الرأسمالية كالأزمات الاقتصادية المتجددة.
  6. التضخم المستورد: كما هو معروف عن النظام الرأسمالي تميزه بسيطرة احتكارات القلة والمنافسات الاحتكارية، وكل هذا بغرض تحقيق الأرباح، مما يدفع بالدول لمنتجة برفع الأسعار داخلياً.

 ومع فتح المجال للتجارة الدولية سيجعل الثغرة التضخمية تتوسع عبر العالم، ويحدث ذلك عندما تقوم الدول المتقدمة صناعياً بتصدير السلع التي أنتجتها إلى الدول المتخلفة المستوردة لها بأثمان تضخمية (مرتفعة) وبهذا تكون الدول المتخلفة قد استوردت التضخم بدل استيراد السلع المطلوبة فقط وقد يكون التضخم في هذه الحالة عن طريق استيراد سلع أساسية عالمية كالنفط والغاز الذي يدخل كعنصر أساسي في كثير من الصناعات والخدمات فارتفاعه أسعاره لأسباب مختلفة ينقل التضخم للدول الرئيسية التي تعتمد على استيراد هذه السلع. ومن هنا نجد اهتمام البنوك المركزية بظاهرة التضخم الاقتصادي مثل البنك المركزي الأوروبي

طرق قياس التضخم الاقتصادي:

لعل الطريقة الأفضل لقياس معدل التضخم الاقتصادي في سياق تحديد معنى التضخم الاقتصادي هو قياس معدل ارتفاع الأسعار، ولكن متابعة الأسعار وأخذها كمعيار لا بد معه من تطبيق الأسلوب الإحصائي الرياضي وهو استخدام الأرقام القياسية للأسعار إضافةً إلى مقاييس ومؤشرات أخرى.

  1. طريقة الأرقام القياسية:

يستخدم الاقتصاديون الأرقام القياسية للأسعار في الحكم على وجود التضخم الاقتصادي وقياس مدى حدته، ويستخدم بهذا الخصوص الرقم القياسي لأسعار المستهلك (CPI)، والرقم القياسي لأسعار الجملة، والرقم القياسي لأسعار الصادرات، والرقم القياسي لأسعار الواردات.

بيد ان كل رقم من الأرقام المذكورة قد تعطي مقياساً مغايراً لمعدل ومعنى التضخم الاقتصادي. وقد تزداد المشكلة تعقيداً حين يتجه أحد هذه الأرقام إلى الزيادة في حين تظل الأرقام الأخرى ثابتة على ما هي عليه.

إضافة إلى ذلك، أن الأرقام المذكورة قد تضم معدل الزيادة في الأسعار بسبب أخطاء التحيز المختلفة التي قد تدخل في تركيب الأرقام القياسية.

  • الرقم القياسي لأسعار المستهلك(CPI):

يعتبر الرقم القياسي لأسعار المستهلك من الأرقام الهامة التي يعتمد عليها في قياس حدة التضخم الاقتصادي ويسمى أيضا بمؤشر نفقات المعيشة.

حيث يقيس هذا المؤشر تكلفة شراء سلة معينة من السلع والخدمات التي تستخدمها الأسرة وهو ما يعرف بـ (سلة المستهلك) خلال فترة معينة استناداً إلى فترة أساس معينة، ويتم تثقيل هذه السلة بأوزان تمثل الأهمية النسبية للسلع في سلة الأسعار المنتقاة.

ويعتبر الرقم القياسي لنفقة المعيشة من الأرقام الهامة في البحث عن معنى التضخم الاقصادي نظراً لان معظم الاتفاقات التي تتم بين نقابات العمال وتنظيمات أرباب العمل تربط مباشرة بين التغير في الأجور والتغير في الرقم القياسي لنفقة المعيشة.

  • الرقم القياسي لأسعار الجملة(WPI):

ويعكس هذا الرقم التغير في المستوى العام للأسعار في أسواق الجملة، حيث تقسم السلع إلى سلع المواد الخام وسلع المواد الوسيطة والسلع النهائية.

ويعاب على هذا الرقم وجود فجوة زمنية بين وصول السلع إلى أماكن بيعها وانتقالها من أسواق الجملة.

2- المخفض الضمني للناتج (GDP deflator):

يعد هذا المقياس من المقاييس الواسعة الانتشار، ويعرف مخفض الناتج الضمني في  السنة (t) بأنه نسبة الناتج الاسمي إلى الناتج الحقيقي في تلك السنة.

أي أن نسبة ارتفاع الناتج الاسمي تساوي ارتفاع الناتج الحقيقي مضافاً إليها نسبة التضخم الاقتصادي.

ينشر مخفض الناتج الضمني عادة بشكل ربعي، ويشير إلى نسبة تضخم أقل من مؤشر أسعار المستهلك.

يتميز هذا الرقم بتخلصه من أوجه القصور التي تعاني منها باقي الأرقام القياسية الأخرى المستخدمة في قياس وتحديد معنى التضخم الاقتصادي، حيث يتضمن كافة السلع والخدمات سواء الاستهلاكية أو الاستثمارية المستهلكة منها داخل الاقتصاد أو تلك التي تم تصديرها إلى الخارج.

3- معدل الضغط التضخمي:

يقاس من خلال مقارنة معدل التغير المئوي للناتج المحلي الإجمالي بمعدل التغير في الكتلة النقدية، وبالتالي يمكن معرفة ما إذا كان الاقتصاد يعاني من تضخم نقدي ويظهر هذا في حال كون معدل التغير النسبي للكتلة النقدية يفوق مثيله للناتج المحلي، أو من حالة انكماش نقدي (الحالة المعاكسة).

يمكن صياغة هذه النسبة على النحو التالي:

∂ = ∆M/M – ∆Y/Y                                                       

حيث:

∂  : معدل الضغط التضخمي.

  : ∆M/M معدل التغير في الكتلة النقدية.

: ∆Y/Y معدل التغير في الناتج.

4- الفجوة التضخمية: 

يمكن التعبير عن الفجوة التضخمية بأنها الفرق بين الزيادة في العرض النقدي والزيادة في حجم ما يرغب أن يحتفظ به الأفراد من دخل حقيقي على شكل نقود، أي الناتج المحلي الإجمالي خلال فترة معينة ويعبر عنها كما يلي:

Gap = ∆M – (M/Y×∆Y)                                                   

أي أن الفجوة التضخمية تعبر عن محصلة الزيادة في العرض النقدي مطروحا منها الطلب على النقود مضروبا في الزيادة في الناتج المحلي.

وبذلك نجد أن مفهوم ومعنى التضخم الاقتصادي يحتاج إلى كثير من البحث لتحديده، نظراً لأثره العميق على مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في أي بلد، ومن هنا قامت العديد من المدارس الاقتصادية بتحديد أسبابه وتفسيره حسب وجهة نظرها، حتى بات موضوع التضخم الاقتصادي من أهم المواضيع والأهداف التي تسعى الخطط الاقتصادية لدى الحكومات للسيطرة عليه والتحكم به

المراجع:

  • محمد عزت غزلان, اقتصاديات النقود والمصارف, جامعتي الاسكندرية وبيروت العربية, دار النهضة العربية,2002.
  • يمنى شعيب, دور السياسة النقدية في علاج ظاهرة التضخم في الاقتصاد السوري, جامعة دمشق,2009.
  • إيمان عطية ناصف, مبادئ الاقتصاد الكلي, 2007
  • أحمد الأشقر, التحليل الاقتصادي الكلي,جامعة حلب,2001
  • سامي عفيفي حاتم, اقتصاديات النقود والبنوك, جامعة حلوان,  2004,